الثلاثاء، 13 يونيو 2017

العاجلة



خواطر رمضانية 18
العاجلة


أرغب في حياتي حياة كريمة سعيدة ..
أرغب في تنمية العمل وزيادة أبواب الرزق ..
أرغب في السكن الراقي والحديقة البديعة ..
أرغب في المال الوفير والسيارة الفاخرة ..
وهكذا الدنيا داخل النفس البشرية ..
وقد يزيد المعنى وينقص بحسب حالة القلب الإيمانية ..
[كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ (20)]القيامة 020

وحديث نبوي شريف عظيم المعنى يوضح سر القلوب في الإنشغال بالدنيا وطلباتها أم الإنشغال بالآخرة
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ كَانَتْ الْآخِرَةُ هَمَّهُ، جَعَلَ اللهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَة، وَمَنْ كَانَتْ الدُّنْيَا هَمَّهُ، جَعَلَ اللهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ وَلَمْ يَأْتِهِ مِنْ الدُّنْيَا إِلَّا مَا قُدِّرَ لَهُ)) رواه الترمذي، كتاب صفة القيامة والرقائق والورع

فالحديث النبوي الشريف يتحدث عن النية والقصد داخل النفس والقلب، فهي شعرة أو فاصل داخل القلب والنفس
قد يكون شخصان يعملان بنجاح في مجال واحد، ولكن أحدهما يعمل ويسعى ويجتهد ويربح ويتكسب في مجاله مع الحرص على الكسب الحلال، ولا يغفل عن أداء حق الله أو الصلة بالله أو حسن التقرب إلى الله.
والثاني يكون ولا يوجد لديه أي إنشغال أو تفكير أو بذل جهد إلا بهذا العمل من كسب وربحية وعدم خسارة، ويسعى بكل الوسائل والطرق المشروعة وغير المشروعة للتكسب والربحية، وعمله هو شغله الشاغل.

والفرق بين الاثنين كما ورد في الحديث النبوي الشريف، أنَّ الأول كانت الآخرة قصده ونيته، فأتاه توفيق من الله له يتمثل في الحديث ((جَعَلَ اللهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ)) القناعة والرضا داخل نفسه وقلبه، ((وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ)) ويعني الإتزان وعدم التشتت في سعيه وأداء عمله، ((وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَة)) تأتيه هينة لينة ولا يتمثل ذلك في كثرة المال أو قلته بقدر ما يظهر في الرضا والقناعة وغنى النفس والحمد والشكر داخل النفس والقلب.
والثاني كانت الدنيا قصده ونيته، جعله الله فقيرًا في احتياج دائم يتمثل في الحديث ((جَعَلَ اللهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ)) فهو احساس دائم أنه في احتياج وإن كثر ماله، ((وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ)) ويعني عدم الإتزان والتشتت في سعيه وأداء عمله فيسعى بسهولة داخل نفسه للغش والخداع لأن شغله الشاغل هو الربحية والتكسب والحياة في الدنيا فقط دون مبادىء أو تشريع أو قوانين، ((وَلَمْ يَأْتِهِ مِنْ الدُّنْيَا إِلَّا مَا قُدِّرَ لَهُ)) فمهما غرق في سعيه في الدنيا فلن يأخذ إلا ما قُدِّرَ له.

إن الله تعالى يمدح في كتابه الحكيم عباده المؤمنين، من توازن واعتدال ما بين الدنيا والآخرة داخل نفوسهم وقلوبهم وعلى ألسنتهم، ويذم الآخرون من تفكك وتشتت وقصر الهمة على الدنيا فقط من رغبات وشهوات وغرق في متاعها، قال الله تعالى: [فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ (200) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (201) أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (202)]البقرة 201:200
حكمة اليوم:  
إِذَا امْتَحَنَ الدُّنْيَا لَبِيبٌ تَكَشَّفَتْ       لَهُ عَنْ عَدُوٍ فِي ثَيَابِ صَدِيقِ 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق