السبت، 24 يونيو 2017

ربنا تقبل منا



خواطر رمضانية 29
رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا


وداعـًا يا شهر الخيرات ..
وداعـًا يا شهر الطاعات ..
وداعـًا يا شهر البركات ..
وداعـًا يا شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار ..

أكرمنا الله تعالى ومنَّ علينا بفضله وجوده علينا بأن بلغنا رمضان ..
فذقنا حلاة الإيمان، حلاوة الطاعة والإحسان ..
حلاوة الصدقات والقرآن، حلاوة تلاوته وتدبر المعاني فيه ..
عرفنا في رمضان شهر الصيام معنى الصبر والزهد في الدنيا ..
وعرفنا معنى العبودية، والتقرب إلى الله بوسائل متعددة ومتنوعة من إتمام للصيام وصلاة وركوع وسجود وذكر لله تعالى والصدقات ..

وفي الحديث الشريف [لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ] رواه البخاري ومسلم
عند فطره لإتمام عبادته وسلامتها مما يفسدها وما يرجوه من ثوابها، أما فرحته عند لقاء ربه فبما يراه من جزائه وتذكر نعمة الله تعالى عليه بتوفيقه لذلك.من شرح الإمام النووي لصحيح مسلم

حكمة اليوم:                                      [رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127)]البقرة 


الجمعة، 23 يونيو 2017

تقديرات ودرجات



خواطر رمضانية 28
تقديرات ودرجات




هل تعلم أنَّ المسلمين لهم تقديرات مختلفة!
ذكرها الله في كتابه الحكيم ..
ولكن هذه التقديرات والدرجات لا يمكن الحصول إليها ..
إلا من بعد الوصول إلى مؤشر النجاح ..
وهذا المعنى نجده في قوله تعالى .. 

قال الله تعالى: [ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32)]فاطر 032

تقديرات ودرجات .. ومؤشر النجاح يأتي في قوله تعالى [ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا] والكتاب هو القرآن وأمة الإسلام التي اصطفاها الله تعالى وأورثها كتابه الكريم المهيمن على سائر الكتب ، فهذه الأمة أكمل الأمم عقولاً وأحسنهم أفكارًا وأرقهم قلوبًا وأزكاهم أنفسًا، ولكن هل النجاح لمجرد أنني ولدتُ في أسرة مسلمة وأحسب نفسي مسلمًا منذ صغري أم أنَّ الأمر أعمق من ذلك، لا أقصد من حديثي أن نحكم على أحد ونخرج من العقيدة من لا يأتي على هوانا، ولكن القلب وما يوجد بداخله من عقيدة سليمة أو غير سليمة في علم الله وهو الحكم العدل، والواجب علينا أن نحرص على ألا نشرك بالله حتى نكون ممن اصطفاهم الله وأورثهم الكتاب العظيم ونصل بأنفسنا إلى النجاح يوم الدين بإذن الله.
عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ الله الثّقَفِيِّ قَالَ: قُلْتُ: (يَا رَسُولَ اللهِ قُلْ لِي فِي الإِسْلاَمِ قَوْلاً لاَ أَسْأَلُ عَنْهُ أَحدا بَعْدَكَ) قَالَ: ((قُلْ آمَنْتُ بِالله فَاسْتَقِمْ)) صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب جامع أوصاف الإسلام، رقم الحديث [62](38)

تقديرات ودرجات .. التقدير الأول [فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ] قالوا: المفرط في فعل بعض الواجبات المرتكب لبعض المحرمات تفسير ابن كثير، وقالوا: بالمعاصي دون الكفر تفسير السعدي، وقالوا: ذُكر أولاً لأنه الأكثر عددًا تزيد سيئاته في العمل على حسناته في ظلال القرآن للشهيد سيد قطب رحمه الله، ولا نغفل أنه تقدير نجاح  لأنه يدخل ضمن الذين اصطفاهم الله.    

تقديرات ودرجات .. التقدير الثاني [وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ] أي وسط، المؤدي للواجبات التارك للمحرمات، وقد يترك بعض المستحبات، ويفعل بعض المكروهات تفسير ابن كثير

تقديرات ودرجات .. التقدير الثالث [وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللهِ] سبق غيره، وهو المؤدي للفرائض المكثر من النوافل، التارك للمحرم والمكروه وقوله [بِإِذْنِ اللهِ] راجع إلى السابق إلى الخيرات، لئلا يغتر بعمله بل ما سبق إلى الخيرات إلا بتوفيق الله تعالى ومعونته تفسير السعدي.

حكمة اليوم:
يَا رَبِّي حَمْدًا لَيْسَ غَيْرَكَ يُحْمَدُ    يَا مَنْ لَهُ كُلُّ الْخَلَائِقِ تَصْمُدُ

أَبْـــوَابُ غَــيْرِكَ رَبَّــــنَا قَدْ أُصِــدَتْ    وَرَأْيَّتُ بَابَكَ وَاسِعـًا لَا يُوصَدُ


الخميس، 22 يونيو 2017

وَزُخْرُفًا



خواطر رمضانية 27
وَزُخْرُفًا



يذكر الله تعالى في كتابه الحكيم أن الدنيا لا تساوي عنده شيئــًا ..
وأنه لولا لطفه ورحمته بعباده لوسَّع الدنيا على الكافرين توسيعــًا عظيمــًا ..
بحيث أن تكون حياة الترف الزائد والمتاع الزائل لهم وحدهم في حياتهم الدنيوية ..
فما مدلول هذا المعنى ..  

قال الله تعالى: [وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ (33) وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ (34) وَزُخْرُفًا]الزخرف 35:33

ولولا أن يعتقد كثير من الجهلة من الناس أنَّ إعطاء المال الكثير والحياة المترفة الزائدة في الترف دليل على محبة الله لمن أعطاه، لولا أنَّ ذلك يجعل الناس تجتمع على الكفر لأجل المال والحياة المترفة الزائلة، ولولا ذلك الأمر لجعل الله هذه الدنيا الفانية الحقيرة للكافرين بمتاع زائد في الترف والرفاهية يصفه في قوله تعالى: [لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ (33) وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ (34) وَزُخْرُفًا]

أن يعيشوا حياتهم الدنيوية في القصور الشاهقة والبيوت الفاخرة وما فيها من فضة وذهب وزخارف الزينة القيمة، فذلك المتاع الرخيص بما فيه من من مظاهر خلابة وزينة جذابة سيكون في أيدي الكافرين.
[وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ (35)] الزخرف 35، والله تعالى يوضح حقيقة هذا الأمر بأنه متاع زائل وزينة عارضة ومظاهر لها نهاية لا قيمة لها، ولكن المتعة الحقيقية في نعيم الآخرة والراحة الأبدية الشاملة التي يدعمها رحمة الله ورضوانه.

وَزُخْرُفًا .. أنه سبحانه وتعالى منعه من ذلك رحمته بعباده خوفــًا عليهم من التسارع في الكفر وكثرة المعاصي والإنجراف الشديد نحو متاع الدنيا عندما يرون أنَّ الدنيا مفتوح أبوابها لمن يكفر بالله تعالى، ولكن عطاء ربك مفتوح للطرفين، فكل يمده الله تعالى بما قدَّر له من رزق وخيرات وعطاء وإحسان، فلن يفوتهم نصيبهم من الدنيا [كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا (20)] الإسراء 20.

وَزُخْرُفًا .. هو مثل يضربه الله تعالى لعباده المؤمنين ليوضح لهم أن الدنيا لا تساوي عنده جناح بعوضة، فإنها حقيرة زائلة فانية فلا يركن إليها عباد الله المؤمنين عن مسهر بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرًا منها شربة ماء)) رواه الترمذي، كتاب أبواب الزهد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في هوان الدنيا على الله

وَزُخْرُفًا .. وإدراك هذه المعاني فلا يأتي بفكرة في العقل، وإنما الإدراك والفهم يكون بحسب الدرجة الإيمانية في القلب، فقد أُدرك المعنى في الليل من بعد ركيعات القيام وأغفل عنه في النهار وسط انشغالات العمل والسعي نحو التكسب والربحية وزيادة الدخل، وعلاج ذلك يكون بالاستغفار والذكر وإخراج الصدقات وغير ذلك من وسائل ترقق القلب وتزيده خشوعــًا وخضوعــًا لله ربِّ العالمين.


وَزُخْرُفًا .. هي قاعدة راسخة يحث الله عباده المؤمنين على الثبات عليها، أن يعيشوا في هذه الدنيا  حياة كريمة بإيمانهم كرحلة فانية لها نهاية، وترتبط قلوبهم وحياتهم بالحياة الأبدية حياة النعيم المقيم [وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآَخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (64)] العنكبوت 64    

حكمة اليوم:
يَا عــامــرًا لِــخــرابِ الــدَّارِ مُــجْــتـــــهـــدًا    بِاللهِ هـــلْ لِــخــرابِ الْعُــمْرِ عُـــمْــرانُ

وَيَا حـــريصًا على الْأمــوالِ تَجْــــمَـــــعُــها    أَنْـــسِــيـــتَ أَنَّ سُــرورَ الْمالِ أحْـــــزَانُ

زَعِ الْفُــــــؤَادَ عَـــــــنِ الـــدُّنــــيـــا وَزِيـــنَــتِــــها    فَصَــــفْوها كَـــدَرٌ وَالْوَصَـــلُ هِـــــجْرَانُ

من قصَيدة عنوان الحكم