الخميس، 22 يونيو 2017

وَزُخْرُفًا



خواطر رمضانية 27
وَزُخْرُفًا



يذكر الله تعالى في كتابه الحكيم أن الدنيا لا تساوي عنده شيئــًا ..
وأنه لولا لطفه ورحمته بعباده لوسَّع الدنيا على الكافرين توسيعــًا عظيمــًا ..
بحيث أن تكون حياة الترف الزائد والمتاع الزائل لهم وحدهم في حياتهم الدنيوية ..
فما مدلول هذا المعنى ..  

قال الله تعالى: [وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ (33) وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ (34) وَزُخْرُفًا]الزخرف 35:33

ولولا أن يعتقد كثير من الجهلة من الناس أنَّ إعطاء المال الكثير والحياة المترفة الزائدة في الترف دليل على محبة الله لمن أعطاه، لولا أنَّ ذلك يجعل الناس تجتمع على الكفر لأجل المال والحياة المترفة الزائلة، ولولا ذلك الأمر لجعل الله هذه الدنيا الفانية الحقيرة للكافرين بمتاع زائد في الترف والرفاهية يصفه في قوله تعالى: [لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ (33) وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ (34) وَزُخْرُفًا]

أن يعيشوا حياتهم الدنيوية في القصور الشاهقة والبيوت الفاخرة وما فيها من فضة وذهب وزخارف الزينة القيمة، فذلك المتاع الرخيص بما فيه من من مظاهر خلابة وزينة جذابة سيكون في أيدي الكافرين.
[وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ (35)] الزخرف 35، والله تعالى يوضح حقيقة هذا الأمر بأنه متاع زائل وزينة عارضة ومظاهر لها نهاية لا قيمة لها، ولكن المتعة الحقيقية في نعيم الآخرة والراحة الأبدية الشاملة التي يدعمها رحمة الله ورضوانه.

وَزُخْرُفًا .. أنه سبحانه وتعالى منعه من ذلك رحمته بعباده خوفــًا عليهم من التسارع في الكفر وكثرة المعاصي والإنجراف الشديد نحو متاع الدنيا عندما يرون أنَّ الدنيا مفتوح أبوابها لمن يكفر بالله تعالى، ولكن عطاء ربك مفتوح للطرفين، فكل يمده الله تعالى بما قدَّر له من رزق وخيرات وعطاء وإحسان، فلن يفوتهم نصيبهم من الدنيا [كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا (20)] الإسراء 20.

وَزُخْرُفًا .. هو مثل يضربه الله تعالى لعباده المؤمنين ليوضح لهم أن الدنيا لا تساوي عنده جناح بعوضة، فإنها حقيرة زائلة فانية فلا يركن إليها عباد الله المؤمنين عن مسهر بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرًا منها شربة ماء)) رواه الترمذي، كتاب أبواب الزهد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في هوان الدنيا على الله

وَزُخْرُفًا .. وإدراك هذه المعاني فلا يأتي بفكرة في العقل، وإنما الإدراك والفهم يكون بحسب الدرجة الإيمانية في القلب، فقد أُدرك المعنى في الليل من بعد ركيعات القيام وأغفل عنه في النهار وسط انشغالات العمل والسعي نحو التكسب والربحية وزيادة الدخل، وعلاج ذلك يكون بالاستغفار والذكر وإخراج الصدقات وغير ذلك من وسائل ترقق القلب وتزيده خشوعــًا وخضوعــًا لله ربِّ العالمين.


وَزُخْرُفًا .. هي قاعدة راسخة يحث الله عباده المؤمنين على الثبات عليها، أن يعيشوا في هذه الدنيا  حياة كريمة بإيمانهم كرحلة فانية لها نهاية، وترتبط قلوبهم وحياتهم بالحياة الأبدية حياة النعيم المقيم [وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآَخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (64)] العنكبوت 64    

حكمة اليوم:
يَا عــامــرًا لِــخــرابِ الــدَّارِ مُــجْــتـــــهـــدًا    بِاللهِ هـــلْ لِــخــرابِ الْعُــمْرِ عُـــمْــرانُ

وَيَا حـــريصًا على الْأمــوالِ تَجْــــمَـــــعُــها    أَنْـــسِــيـــتَ أَنَّ سُــرورَ الْمالِ أحْـــــزَانُ

زَعِ الْفُــــــؤَادَ عَـــــــنِ الـــدُّنــــيـــا وَزِيـــنَــتِــــها    فَصَــــفْوها كَـــدَرٌ وَالْوَصَـــلُ هِـــــجْرَانُ

من قصَيدة عنوان الحكم



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق